فصل: مقتل قتيبة بن مسلم.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة الوليد وبيعة سليمان.

ثم في منتصف جمادى الأخيرة من سنة ست وتسعين وصلى عليه عمر بن عبد العزيز وكان من أفضل خلفاء بني أمية وبنى المساجد الثلاثة: مسجد المدينة ومسجد القدس ومسجد دمشق ولما أراد أبناء مسجد دمشق كانت في موضعه كنيسة فهدمها وبناها مسجدا وشكوا ذلك لعمر بن عبد العزيز فقال: نرد عليكم كنيستكم ونهدم كنيسة توما فإنها خارج المدينة مما فتح عنوة ونبنيها مسجدا فتركوا ذلك وفتح في ولايته الأندلس وكاشغر والهند وكان يتخذ الضياع وكان متواضعا يمر بالبقال فيسأل بكم حزمة البقل؟ ويسعر عليه وكان يختم القرآن في ثلاث وفي رمضان في يومين وكان أراد أن يخلع أخاه سليمان ويبايع لولده عبد العزيز فأبى سليمان فكتب إلى عماله ودعا الناس إلى ذلك فلم يجبه إلا الحجاج وقتيبة وبعض خواصه واستقدم سليمان ثم استبطأه فأجع السير إليه ليخلعه فمات دون ذلك ولما مات بويع سليمان من يومه وهو بالرملة فعزل عثمان بن حيان من المدينة آخر رمضان وولى عليها أبا بكر ابن محمد بن عمر بن حزم وعزل ولاة الحجاج عن العراق فولى يزيد بن المهلب على المصرين وعزل عنهما يزيد بن أبي مسلم فبعث يزيد أخاه زيادا على عمان وأمر سليمان يزيد بن المهلب بنكبة آل أبي العقيل قوم الحجاج وبني أبيه وبسط أصناف العذاب عليهم فولى على ذلك عبد الملك بن المهلب.

.مقتل قتيبة بن مسلم.

ولما ولى سليمان قتيبة لما قدمناه من موافقته الوليد على خلعه فخشي أن يولى يزيد ابن المهلب خراسان فأجمع خلعه وكتب إليه لئن لم تقرني على ما كنت عليه وتؤمني لأخلعنك ولأملأنها عليك خيلا ورجلا فأمنه وكتب له العهد على خراسان وبعث إليه رسول بذلك فبعث الرسول وهو بحلوا أنه قد خلع وكان هو بعد بعثة الكتاب إلى سليمان قد اشتد وجله وأشار عليه أخوه عبد الله بالمعاجلة فدعا الناس إلى الخلع وذكرهم بوائقه وسوء ولاية من تقدمه فلم يجبه أحد فغضب وشتمهم وعدد وقالبهم قبيلة قبيلة وأثنى على نفسه بالأب والبلد والمعشر فغضب الناس وكرهوا خلع سليمان وأجمعوا على خلع قتيبة وخلافه وعذل قتيبة وعذل قتيبة أصحابه فيما كان منه فقال: لما لم تجيبوني غضبت فلم أدر ما قلت وجاء الأزد إلى حضين بن المنذر بالضاد المعجمة) فقالوا: كيف ترى هذا يدعو إلى فساد الدين ويشتمنا فعرف مغزاهم فقال: إن مضر بخراسان كثير وتميم أكثرهم وهم شوكتها ولا يرضون فيصيبوا قتيبة ولا أرى لها إلا وكيعا وكان وكيع موثقا من قتيبة بعزله وولاية ضرار بن حصين الضبي مكانه وقال حيان النبطي مولى بن شيبان ليس لها غير وكيع ومشى الناس بعضهم إلى بعض سرا وتولى كبر ذلك حيان ونمي خبره إلى قتيبة فأمر بقتله إذا دخل عليه وتنصح بعض خدم قتيبة بذلك إلى حيان فلما دعاه تمارض واجتمع الناس إلى وكيع وبايعوه فمن أهل البصرة والعالية من المقاتلة تسعة آلاف ومن بكر سبعة آلاف رئيسهم حضين بن المنذر ومن تميم عشرة آلاف عليهم ابن زخر ومن الموالي سبعة آلاف عليهم حيان النبطي وقيل من الديلم وسمي نبطيا للكنته وشرط على وكيع أن يحول له الجانب الشرقي من نهر بلخ فقبل وفشا الخبر وبلغ قتيبة فدس ضرار بن سيان الضبي إلى وكيع فبايعه وجاء إلى قتيبة بالخبر فأرسل قتيبة إلى وكيع فاعتذر بالمرض فقال لصاحب شرطته: إئتني به أبى إتني برأسه فلما جاء إلى وكيع ركب ونادى في الناس فأتوه أرسالا واجتمع إلى قتيبة أهل بيته وخواصه وثقاته وبنو عمه وأمر فنودي في الناس قبيلة وأجابوه بالجفوة يقول: أين بنو فلان؟ فيقول: حيث وضعتهم فنادى بأذكركم الله والرحم فقالوا: أنت قطعتها! فنادى لكم العتبى فقالوا: إنا لنا الله إذا فدعا ببرذون ليركبه فمنعه ورمحه فعاد إلى سريره وجاء حيان النبطي في العجم فأمره عبد الله أخو قتيبة أن يحمل على القوم فاعتذر وقال لإبنه: إذا لقيتني حولت قلنسوتي فمل بالأعاجم إلى وكيع ثم حولها وسار بهم ورمى صالح أخو قتيبة بسهم فحمل إلى أخيه ثم تهايج الناس وجاء إلى عبد الرحمن أخي قتيبة الغوغاء ونحوهم فأحرقوا آريا فيه إبل قتيبة ودوابه ثم زحفوا به حتى بلغوا فسطاطه فقطعوا أطنابه وجرح جراحات كثيرة ثم قطعوا رأسه وقتل معه إخوته عبد الرحمن وعبد الله وصالح وحصين وعبد الكريم ومسلم وابنه كثير وقيل قتل عبد الكريم بقزوين فكان عدة من قتل من أهله أحد عشر رجلا ونجا أخوه عمر مع أخواله من تميم ثم صعد وكيع المنبر وأنشد الشعر في الثناء على نفسه وفعله والذم من قتيبة ووعد بحسن السيرة وطلب رأس قتيبة من الأزد وهددهم عليه فجاؤا به فبعثه إلى سليمان ووفى وكيع لحيان النبطي بما ضمن له.

.ولاية يزيد بن المهلب خراسان.

كان يزيد بن المهلب لما ولاه سليمان العراق على الحرب والصلاة والخراج استكره أن يحيف على الناس في الخراج فتلحقه المذمة كما لحقت الحجاج ويخرب العراق وإن قصر عن ذلك لم يقبل منه فرغب من سليمان أن يعفيه من الخراج وأشار عليه بصالح ابن عبد الرحمن مولى تميم فولاه سليمان الخراج وبعثه قبل يزيد فلما جاء صالح إلى يزيد ضيق عليه صالح وكان يزيد يطعم على ألف خوان فاستكثرها صالح فقال: اكتب ثكمنها علي وغير ذلك وضجر يزيد وجاء خبر خراسان ومقتل قتيبة فطمع يزيد في ولايتها ودس عبد الله بن الأهتم على سليمان أن يوليه خراسان ولا يشعر بطلبته بذلك وسيره على البريد فقال له سليمان: إن يزيد إلي بذكر عملك بالعراق! فقال: نعم بها ولدت وبها نشأت ثم استشار فيمن يوليه خراسان ولم يزل سليمان بذكر الناس وهو يردهم ثم حذره من وكيع وغدره قال: فسم أنت! قال شريطة الكمال الإجازة ممن أشير به وإذا علم يكره ذلك ثم قال: هو يزيد بن المهلب فقال سليمان: العراق أحب إليه فقال ابن الأهتم: قد عملت ولكن نكرهه فيستخلف على العراق ويسير إلى خراسان فكتب عهد يزيد على خراسان وبعثه مع ابن الأهتم فلما جاءه بعث ابنه على خراسان ثم سار بعده واستخلف على واسط الجراح بن عبد الله الحكمي وعلى البصرة ابن عبد الله بن هلال الكلابي وعلى الكوفة حرمحلة بن عيد اللمغمي ثم عزله لأشهر بشير بن حيان النهدي فكانت قيس تطلب بثأر قتيبة وتزعم أنه لم يخلع فأوصى سليمان يزيد إن أقامت قيس بينه أنه لم يخلع أن يقيد به من وكيع.